بمناسبة اليوم العالمي للمسرح.. محمد سيف الأفخم يهنئ مسرحين العالم ويختار يون فوسيه لكتابه رسالة هذا العام
حرص المهندس محمد سيف الافخم، رئيس الهيئة الدولية للمسرح ITI، على تهنئة مسرحين العالم أجمع، بمناسبة اليوم العالمي لأبو الفنون، الذي يتزامن يوم ٢٧ مارس من كل عام.
وأكد الأفخم أن الهيئة دائما ما تحرص على تحقيق أهدافها من التطوير والارتقاء بمستوى الفنون الأدائية، وإنتاج العديد من الأفكار المشتركة بين مسرحين العالم أجمع، وتطبيقها على أرض الواقع، بما يتماشى مع أهداف منظمة اليونسكو في مجالات الفنون والثقافة.
واختار الهيئة الدولية للمسرح، الكاتب المسرحي النرويجي الكبير الحائز على جائزة نوبل في الادب ٢٠٢٣: يون فوسيه، لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح لعام ٢٠٢٤، والتي جاءت بعنوان" الفن هو السلام"، والتي ترجمتها: حصة الفلاسي.
حيث جاء نص الرسالة: لكل شخص ما يميّزه عن غيره ولكنه أيضا مشابهٌ شخص آخر، إن مظهرنا الخارجي المرئي متفرد ويختلف عن الأخرين، وهذا بالطبع أمر جيد، ولكن هناك أيضا شيء داخل كل واحد منا ينتمي إلى ذلك الشخص وحده - وهو روح الشخص أو نفسه، أو يمكننا أن نقرر عدم تصنيف هذا
الشيء بالكلمات على الإطلاق، فقط نتركه وشأنه.
وعلى الرغم من اختلافنا عن بعضنا البعض، إلا إننا لا زلنا متشابهين، فالناس من كل أنحاء العالم متشابهون في جوهرهم، بغض النظر عن اللغة التي نتحدثها، أو لون بشرتنا، أو لون شعرنا.
وهنا تكمن المفارقة: أننا متشابهون تماما ومختلفون تماما في الوقت نفسه. ربما يكون الشخص متناقضا بطبيعته، في توازنه بين الجسد والروح - فإننا نجمع بين الوجود الملموس أكثر ارتباطا بالأرض والشيء الذي يتجاوز هذه الحدود المادية والأرضية.
الفن، وبالتحديد الفن الجيد، ينجح بطريقته الرائعة في دمج الشيئ الفريد تماما مع الشيء الشامل. فهو يتيح لنا أن نفهم ما هو المختلف - ما هو أجنبي - باعتباره شاملا من خلا الفن. وبذلك، يتجاوز الفن حدود اللغات والمناطق الجغرافية والبلدان. فهو يجمع بين الصفات الفردية لكل فرد فحسب، بل أيضا وبمعنى آخر، الخصائص الفردية لكل مجموعة من الناس، لكل أمة على سبيل المثال.
ولا يقوم الفن بذلك من خلا تسوية الاختلافات وجعل كل شيء متماثلا، بل على العكس من ذلك، يقوم بذلك من خ ل اظهار ما هو مختلف عنا، وما هو غريب أو أجنبي. يحتوي كل فن جيد على وجه التحديد على شيء غريب، شيء نستطيع فهمه تماما، ولكننا في الوقت نفسه نستطيع فهمه بطريقة ما. أنه يحتوي على لغز، إذا جاز التعبير. شيء يبهرنا وبالتالي يدفعنا إلى ما هو أبعد من حدودنا، وهكذا يخلق السمو الذي يجب أن يحتويه ويقودنا إليه كل عمل فني.
لا أعرف طريقة أفضل للجمع بين الأضداد، وهذا هو النهج المعاكس تماما لنهج الصراعات العنيفة التي نشهدها في كثير من الأحيان في العالم، والتي تنغمس في الإغراء المدمر لإبادة أي شيء أجنبي، أي شيء فريد ومختلف، غالبا باستخدام أكثر الاختراعات الإنسانية التي وضعتها التكنولوجيا بين أيدينا. هناك إرهاب في العالم. هناك حروب. فالبشر لديهم جانب حيواني أيضا، مدفوعا بغريزة تجربة الآخر، ويعتبرون الأجنبي والمختلف تهديدا لوجود الفرد بدلاً من أن يكون لغزا ساحراً.
هكذا يتلاشى التفرد والاختلافات التي يمكننا رؤيتها جميعا، تاركا وراءه تجانسا جماعيا حيث يشكل أي شيء مختلف تهديدا يجب القضاء عليه. وما يُنظر إليه من الخارج على أنه اخت ف، على سبيل المثال في الدين أو الأيديولوجية السياسية، يصبح شيئاً يجب هزيمته وتدميره.
الحرب هي المعركة ضد ما يكمن في أعماقنا جميعا: شيء فريد من نوعه. وهي أيضا معركة ضد الفن، ضد ما يكمن في أعماق كل الفنون.
لقد تحدثت هنا عن الفن بشكل عام، وليس عن المسرح أو الكتابة المسرحية على وجه الخصوص، ولكن هذا يرجع إلى أن الفنون كلها جيدة، كما قلت، جيدة في أعماقها، وتدور حول نفس الشيء: أخذ ما هو فريد تماما، ومحدد تماما، وجعله شاملاً . والجمع بين المحدد والشامل من خلال التعبير الفني، دون القضاء على تفرده ولكن بتأكيد هذا التفرد، مما يسمح لما هو غريب وغير مألوف أن يتألق بوضوح.
الحرب والفن متضادان، تماما كما أن الحرب والسلام متضادان، الأمر بهذه البساطة "الفن هو السلام".