نعيمة الصغير: من مطربة رومانسية إلى أيقونة الشر في السينما المصرية
في يوم ميلادها الذي يوافق 25 ديسمبر، نستعرض مسيرة الفنانة نعيمة الصغير، تلك المرأة التي اشتهرت بدور "الكاتعة" وأصبحت رمزًا لأدوار الشر في السينما المصرية. وُلدت نعيمة باسمها الحقيقي نعيمة عبد المجيد عبد الجواد عام 1931، وبدأت حياتها الفنية كمطربة رومانسية ذات صوت عذب، قبل أن تتحول إلى واحدة من أبرز نجمات السينما في أدوار الشر والكوميديا السوداء.
البداية الفنية: صوت عذب ومونولوجات ساحرة
بدأت نعيمة مشوارها الفني كمطربة مع زوجها المطرب الشعبي محمد الصغير، حيث غنت مونولوجات رومانسية واعتمدتها الإذاعة المصرية عام 1954. وكان صوتها الجميل عاملًا رئيسيًا في نجاحها المبكر، وشاركت في أفلام مثل "اليتيمتين" عام 1948، حيث أدت أغنية "طب وأنا مالي" التي أبرزت قدراتها الغنائية.
التحول المأساوي: كوب شاي يغير مسار حياتها
كانت نقطة التحول في حياة نعيمة الصغير مأساوية، إذ فقدت صوتها العذب بعد تناولها مشروبًا ملوثًا بمواد كيميائية، ما أدى إلى تدمير أحبالها الصوتية. وعلى الرغم من نجاتها من الموت، إلا أن صوتها تحول إلى الصوت الأجش المعروف، مما دفعها لتغيير مسارها الفني إلى أدوار الشر والكوميديا.
الشريرة المحبوبة: الكاتعة وأدوار الشر الخالدة
استغل المخرجون صوتها الخشن وملامحها القوية لإسناد أدوار الشر إليها. من "الكاتعة" في فيلم "العفاريت" إلى أدوار الحماة المتسلطة وتاجرة المخدرات، قدمت نعيمة الصغير أداءً لا يُنسى في أفلام مثل:
"الشقة من حق الزوجة"
"جرى الوحوش"
"الليلة الموعودة"
"حب في الزنزانة"
وجه إعلاني رغم ملامح الشر
ورغم أدوارها السينمائية المخيفة، دخلت عالم الإعلانات بشكل مثير للاهتمام. ظهرت في إعلان شهير لمرقة الدجاج "كوين"، حيث استخدمت عبارتها الطريفة "أنا مش تخينة مع شوربة كوين". كما شاركت في إعلان آخر لبسكويت الأطفال، مما أضفى بُعدًا مختلفًا على شخصيتها الفنية.
إدمان الشيشة وجلسات الحكايات
بعيدًا عن الشاشة، كانت نعيمة الصغير من رواد مقهى "الكسفريتي" في الإسكندرية، حيث اعتادت شرب الشيشة واحتساء الحلبة بالحليب. كانت جلساتها على المقهى محط أنظار الجميع، إذ جمعت بين بساطة الحياة الشعبية وأجواء الفن.
إرث سينمائي لا يُنسى
على مدار مسيرتها، شاركت نعيمة الصغير في أكثر من 140 فيلمًا، تاركة بصمة لا تُمحى في ذاكرة السينما المصرية. رحلت عن عالمنا في عام 1991 عن عمر يناهز الستين، لكنها بقيت خالدة بأدوارها التي جمعت بين الشر والكوميديا.
نعيمة الصغير ليست مجرد فنانة، بل أيقونة استطاعت تحويل المأساة الشخصية إلى نجاح فني ساحر، لتبقى واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية عبر العصور.