آخر الأخبار

مُستقبل صاحبة الجلالة … والذكاء الاصطناعي

مُستقبل صاحبة الجلالة … والذكاء الاصطناعي 


بقلم: د/ أسماء عبدالرحمن 


يبدو أن دخول الميتاڤيرس بات حتميًا وبديلًا مُستقبلي للصحافة البشرية، فبالرغم من وجود مدرستين حول تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي واستمرار الصحافة البشرية، فالأولى تؤكد أنه رغم وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي إلا أن الخبر الصحفي لن يأخذ مصداقيته لدى القارئ كما يفعل العنصر البشري، والمدرسة الآخرى يرى روادها أن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون إضافة خاصة في ظل الڤيديو والصوت والوسائط المتعددة وأنه سيضاهي مصداقية الخبر الصحفي المكتوب من خلال العنصر البشري.


ولكن هل فكرنا أو تخيلنا لمجرد التخيل في مستقبل العنصر البشري ذاته حال تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي ؟، أين سيذهب العنصر البشري ؟!…


قد تكون هذه التقنية "الذكاء الاصطناعي" لها إسهامات بالفعل في تطوير العمل الصحفي وجعله أكثر جاذبية كدخول الانفوجراف والڤيديوجراف ولغة بايثون وتحليل البيانات وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي ، ولكن هل تتمكن من كتابة خبر كامل أو تحقيق بأكمله حول موضوع معين فهذا يحمل قدر من المخاطرة والتحدي والتساؤلات في ذات الوقت ، هل هذه الأخبار ستكون صحيحة ، هل هذه الأحداث ستكون حقيقية أو تلك المصادر ستكون فعلية؟!، وما تأثير هذه الأخبار على المجتمع وما إذا كانت ستتسبب فيّ هلع وذعر عام وخاصة عندما يتعلق الأمر بشأن أمن قومي؟!.


وفي ظل تفاوت الدراسات الإعلامية التي تناولت الرفض والقبول لتقنية الذكاء الاصطناعي ودخولها عالم الصحافة،  وفي ظل الجدال القائم بشأن مزاياها وعيوبها ، فإن هناك عامل يؤثر على الذكاء الاصطناعي وهو العامل الاقتصادي الذي يأتي على رأس العوامل الأكثر تأثيرًا على تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس في الصحافة فحسب بل والقنوات ، فضلًا عن العوامل المهنية ونقص الخبرة والخوف من فقدان الوظائف في المستقبل ليحل محلها عنصر الروبوت، بالإضافة إلى مدى تصديق الجمهور لهذه الأخبار ، حيث أصبح القارئ أكثر وعيًا بشأن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام وتدقيقه في الخبر في ظل كثرة مصادر الأخبار .

وفي السياق ذاته فإن القراء يميلون إلى تصنيف الأخبار على إنها أكثر مصداقية ولكنها أقل قابلية للقراءة وذلك في الإشارة إلى تلك الأخبار المنشورة بتقنيات الذكاء الاصطناعي ، وليس هذا هو التحدي الوحيد وإنما أمان وخصوصية البيانات اللذان يشكلان مخاطر كبيرة ليس فقط للمستخدمين وإنما للمطورين والحكومات، وعلى ذلك فلابد من وضع مواثيق أخلافية تحكم عمل المؤسسات الصحفية التس توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي. 


وفي سياق آخر فإن صحافة الذكاء الاصطناعي لها فوائد متعددة داخل غرف الأخبار في المؤسسات الصحفية من خلال توفير الوقت والجهد. 


وطالما كانت الصحافة دومًا تحتم علينا الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي وأخلاقيات المهنة، فلابد على المؤسسات التي ستوظف تقنيات الذكاء الاصطناعي ان تلتزم بالاستخدام الصحيح والموضوعي والدقيق للبيانات من منطلق الواجب الأخلاقي.


وبينما كان الخبر الصحفي يحمل في طياته قلقًا بشأن مصداقيته، فلابد من ضرورة تطبيق قانون الملكية الفكرية أيضًا على مخرجات الصحافة الآلية والحاجة إلى نهج متعدد التخصصات للتعامل مع القضايا الأخلاقية لتكنولوچيا الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام بما في ذلك زيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات الصحيحة للجمهور وأن احترام الخصوصية لابد أن يأتي على رأس المبادئ الأخلاقية التي تتضمنها مدونات قواعد السلوك لمهنة الصحافة. 

ومن وجهة نظري إن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لن يلغي وجود العنصر البشري بل سيصبح  مكملًا له ، ولن يلغي الذكاء الاصطناعي وظائف الصحفيين بل سيسهم في أداء عمله بكل سهولة ويسر، شأنه في ذلك شأن الوسائل الإعلامية الآخرى فعند اختراع التليفزيون لم يلغ وجود الراديو ، ووجود الراديو لم يلغ وجود الصحف، بل كانت العلاقة بينهم تكاملية ، وعلى الرغم من تسهيل الأتمتة إنتاج الأخبار وتوزيعها بشكل مباشر وسريع، فلايزال الصحفيون هم المصدر الرئيس لعملية صناعة الأخبار، بل ستمنح الأتمتة الوقت للصحفين للتركيز على التحقيقات والقصص الموضوعية والمزيد من العمل الإبداعيوأن هذه الأدوات ما هي إلا أدوات مساعدة في إنجاز عملهم اليومي، وكذلك لن تقلل من عدد الوظائف الصحفية ، 

وفي خضم هذه الرؤية المستقبلية وطالما كان حتمًا على المؤسسات الصحفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي فلابد أيضًا من مراعاة العنصر البشري المُدرب الذي يستطيع أن يتعامل معها ويُطبق ميثاق الشرف الإعلامي وأخلاقيات المهنة ويلتزم المصداقية ، وحتى لا نكون طبقنا أتمتة الأخبار من خلال العنصر التكنولوچي من خلال استبعاد العنصر البشري العاشق لصاحبة الجلالة والذي أضحى في حاجة ضرورية للعمل في بلاطها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال