### الأنبا مينا أسقف تمى الأمديد: رحلة جهاد مع الشيطان إلى قداسة لا تضاهى
في ذكرى نياحة القديس الأنبا مينا أسقف تمى الأمديد، يسترجع الأقباط قصة حياته التي تحمل في طياتها معاني النضال الروحي والمقاومة الشديدة للشرور. الأنبا مينا الذي عاش في القرن الرابع الميلادي كان أحد الأبطال الروحيين الذين تحدوا الشيطان بعزيمة لا تلين، لتكون قصته ملهمة للأجيال القادمة في سعيها وراء القداسة.
وُلد الأنبا مينا في مدينة سمنود، من أبوين تقيين كانا يُمارسان الحياة الرهبانية بكل تفاصيلها. نشأ مينا في بيئة تشبع بالروحانية، وكان مثالًا للورع والتقوى. رغم محاولات والديه تزويجه، إلا أنه فضل الحياة الرهبانية، واختار التخلي عن ملذات العالم ليعيش في العزلة والصلاة.
في بداية حياته الرهبانية، ذهب إلى دير الأنبا أنطونيوس، ثم إلى دير القديس مقاريوس، حيث تعلم على يد كبار الرهبان وأصبح يتفوق في العبادة والعمل الروحي. لكن الشيطان لم يتركه في حاله؛ فقد تعرض للضرب من قبل الشيطان في رجليه، ما جعله طريح الفراش لمدة شهرين. لكن إيمانه العميق بشفاء المسيح جعله يتغلب على هذه المحنة ويتابع مسيرته الروحية بعزم أكبر.
رغم الجهاد الروحي الكبير الذي خاضه، دُعي مينا إلى الأسقفية، وهو ما جعله يشعر بحزن عميق لترك حياة الزهد والعزلة في البرية. إلا أنه بعد مشورة الآباء، قبل الدعوة ووافق على مساعدة شعبه وتوجيههم. فصار أسقفًا لتمى الأمديد، حيث برزت معجزاته وموهبة شفاء المرضى، فضلاً عن قدرته على معرفة خفايا الناس وأسرارهم.
عاش الأنبا مينا في خدمة شعبه بكل محبة وتواضع، وكان مصدر إلهام للعديد من الأساقفة والبطاركة. حتى بعد انتقاله إلى السماء، لا يزال الشعب يذكره ويحتفل بذكراه كل عام. هو قديس عاش حياة مليئة بالجهاد الروحي، فهزم الشيطان بفضل إيمانه، وأصبح نموذجًا للقداسة والتضحية.