أساطير خارج القطبين.. مصطفى رياض.. هدّاف الترسانة الذي تحدّى عمالقة الكرة المصرية
في عالم كرة القدم المصرية، حيث تتركّز الأضواء على الأهلي والزمالك، هناك نجوم صنعوا المجد بعيدًا عن القطبين، تاركين بصمة لا تُمحى في تاريخ اللعبة. واحد من هؤلاء هو مصطفى رياض، هداف الترسانة التاريخي وأحد أعظم المهاجمين الذين أنجبتهم الكرة المصرية.
من أزقة بولاق إلى مجد الملاعب
وُلد مصطفى رياض في 5 أبريل 1941 في حي بولاق أبو العلا، وسط عائلة كروية، حيث كان شقيقه محمد رياض لاعبًا في الترسانة، ولحق به لاحقًا شقيقه الأصغر حسن. ومنذ صغره، أظهر عشقًا فطريًا لكرة القدم، حتى كاد حادث بسيط أن يغيّر مساره تمامًا، عندما سقط أثناء محاولته القفز من الترام لمشاهدة إحدى المباريات. لكن بدلاً من أن يثنيه ذلك عن حلمه، قرر والده إلحاقه بنادي الترسانة، دون أن يدرك أنه يضعه على طريق الأسطورة.
انضم إلى فريق الناشئين في الترسانة عام 1954، ولفت الأنظار سريعًا بمهاراته الفريدة. وبعد عامين فقط، خاض أولى مبارياته مع الفريق الأول، لكن الدوري توقف بسبب العدوان الثلاثي. رغم ذلك، أثبت موهبته، ليصبح أحد أبرز اللاعبين في مصر خلال العقود التالية.
ثنائي لا يُنسى مع حسن الشاذلي
في 1957، بدأ تاريخ جديد عندما التقى رياض بزميله حسن الشاذلي، ليشكّلا واحدًا من أعظم الثنائيات الهجومية في تاريخ الكرة المصرية. استمرت شراكتهما لعشرين عامًا، وساهما معًا في تحقيق أول وأكبر إنجاز في تاريخ الترسانة عندما قاداه للتتويج ببطولة الدوري المصري موسم 1962-1963، في إنجاز لم يتكرر للنادي حتى اليوم. كما فاز الفريق بكأس مصر مرتين بفضل أهداف رياض الحاسمة.
إنجازات خالدة مع المنتخب
لم يقتصر تألقه على ناديه فقط، بل برز بقوة مع منتخب مصر، وخاصة في دورة طوكيو الأولمبية 1964، حيث سجّل 6 أهداف كاملة في مباراة واحدة أمام كوريا الجنوبية، في إنجاز يُعد من أعظم ما حققه أي لاعب مصري على الساحة الدولية. كما لعب دورًا حاسمًا في انتفاضة مصر ضد ليبيا، حينما قلب المنتخب تأخره بهدفين إلى فوز 3-2، وسط أجواء جماهيرية مشتعلة في استاد القاهرة.
اعتزال في أجواء أسطورية
في 19 نوفمبر 1976، أسدل الستار على مسيرة كروية استثنائية امتدت لعقدين، حيث اعتزل مصطفى رياض وحسن الشاذلي معًا في مباراة ودية أمام منتخب الأندية في النادي الأهلي. لكن حب كرة القدم لم يفارق رياض، فظل قريبًا من المستطيل الأخضر حتى بعد اعتزاله.
أرقام قياسية ولقب خالد سجّل 107 أهداف في الدوري وكأس مصر، ليصبح أحد أعظم هدافي مصر على الإطلاق. ساهم في تحقيق أول لقب دوري في تاريخ الترسانة. ظل الجمهور يلقّبه بـ "الغزال الأسمر"، في إشارة إلى سرعته ومهاراته الفائقة. إرث لا يُنسى
رغم مرور العقود، لا تزال الجماهير تتذكر مصطفى رياض كأحد أعظم اللاعبين الذين لم ينتموا للأهلي أو الزمالك، لكنه استطاع أن يكتب اسمه في سجلات الكرة المصرية بحروف من ذهب، ليبقى رمزًا لتحدي الاحتكار الكروي، ومثالًا يُحتذى به لكل لاعب يطمح في النجاح خارج أضواء القطبين.