رصاصة في صدر الطفولة.. وجرافات تمحو ذاكرة القدس



طفل فلسطيني يرقد بين الحياة والموت، بعدما اخترقت رصاصة إسرائيلية جسده الصغير في بلدة اليامون غرب جنين. لم يكن يحمل سلاحًا، فقط كان يحمل عمرًا لم يكتمل، وملامح براءة لا تليق بزمن الرصاص.


الاقتحام لم يكن مفاجئًا، فالمدينة تعيش على وقع أصوات الرعب منذ أشهر. كل اقتحام يعني جرحًا جديدًا في الجسد الفلسطيني، وكل رصاصة تطلقها قوات الاحتلال، قد تسلب قلب أم، أو تمزق جسد طفل، أو تهدم جدار منزل ظل واقفًا رغم كل ما مرّ عليه من حروب.


وفي الوقت الذي تسيل فيه دماء الأطفال، تستمر الجرافات الإسرائيلية في تنفيذ عمليات هدم واسعة، تجاوز عددها منذ السابع من أكتوبر أكثر من 600 منزل ومنشأة في القدس وحدها. أحياء بأكملها تتحول إلى أنقاض، وأحلام تتكسر على أطراف المدينة التي تقاتل لأجل البقاء.


التهجير لا يتم بصوتٍ عالٍ فقط، بل أحيانًا يتم بهدوء شديد، حين يُجبر الفلسطيني على هدم منزله بيديه، تجنبًا لغرامات قاسية أو الاعتقال. مأساة تُمارس بحسابات دقيقة، تدفع بالمقدسيين نحو الرحيل القسري، وتتركهم معلقين بين السماء والركام.


في مشهد مكرر، تدفع العائلات ما يفوق طاقة البشر، من غرامات وتكاليف وإجراءات مستحيلة للحصول على تراخيص بناء لا تأتي أبدًا. كل ذلك ضمن خطة محكمة، لا تتيح لهم البناء إلا على أقل من 13% من مساحة المدينة، بينما يُغذى الاستيطان ويُشجع، ويُفرَض واقع جديد يلتهم كل ما هو فلسطيني.


إنها ليست مجرد انتهاكات، بل سياسة تهويد حثيثة تُمارس بأدوات الاحتلال اليومية: الرصاص، الهدم، الطرد، ومصادرة الأرض. وكل ذلك يتم تحت أنظار العالم، دون محاسبة، ودون عدالة.


طفل جريح في جنين، وعائلة مشردة في القدس، ومئات البيوت التي لم تعد سوى غبار... هذا هو الوجه الحقيقي للاحتلال. وجريمة كهذه لن تسقط بالتقادم، مهما طال الصمت.





إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال